lundi 29 mars 2010

تعدّدية ....الإقصاء أم إقصاء التعدّدية؟

عودتنا التلفزة التونسية (ق.7) - التي لم تنقطع لها عادة- في منتدى حوارها أن "تلتفّ" على أمهات القضايا المطروحة مثل التعدّدية والديمقراطية والحرية...و...و...خاصّة في المناسبات الوطنية الكبرى. ففي سهرة الجمعة الماضية استضافت القناة في حوارها حول " الاستقلال ولاء لتونس وتكريسا للديمقراطية" مجموعة من المسؤولين السياسيين من مختلف الأحزاب.

وجاء في جريدة الصباح أن اللقاء "شكل فرصة جديدة لإثبات أن الأحزاب السياسية في تونس بمختلف توجهاتها تقف صفا واحدا أمام مصلحة تونس"... وهذا الكلام لا يمكن أن يختلف فيه إثنان...فالأمر بديهي واضح وضوح النهار...لكن مثل هذه الحقيقة البديهية قد تبعث على الشك وتحاط بالالتباس وتحجب حقيقة أعمق وأخطر...بل قد تقلب الحقائق والوقائع و"ترسّخ" سلوكا يكرّس ممارسات مناقضة تماما للأقوال والشعارات.

ذلك أنّ هذا الحوار قد جمع على طاولة واحدة ممثلين عن خمسة أحزاب وطنية...(لماذا خمسة فقط؟؟)...ويضيف الخبر بكل "براءة"...أن ذلك النقاش "دار في كنف الاحترام المتبادل للرأي المخالف وعلى درجة عالية من الرقي وفسح المجال لجميع الأطراف للتعبير عن آرائهم في كنف الحرية والديمقراطية"...يحيا العدل...!...فأن يتحدّث كل هؤلاء الحاضرين بكل حريّة أمر جميل...جدّ جميل...لكن أن تُقصى أحزاب وطنية معترف بها قانونيا أم مرفوض بداهة...بل إنه يبعث على الشك في نزاهة المنظمين لهذا الحوار وإيمانهم بالتعددية الحقيقية والديمقراطية وتحمّل الآراء المخالفة والمقترحات المغايرة...فهل يعقل أن تقصى ثلاثة أحزاب من المشاركة في حوار بمثل تلك الأهمية...ثم نصف ذلك الحوار بأنه تعددي...وشفاف...وحضاري...مجرى في كنف احترام الرأي المغاير؟؟. بل هل من "المصلحة الوطنية" أن نحرم تلك الأحزاب من التعبير عن وجهات نظرها حول مستقبل البلاد؟!

إن هذا السلوك - المستند على نظرية الكيل بمكيالين- الذي تمارسه تلفزتنا العمومية تجاه أحزاب معارضة جدية لا يمكن تفسيره أو تبريره إلا بأمرين اثنين:

- إمّا أنّ إدارة التلفزة تعتبر أن الأحزاب المقصاة وهي حركة التجديد والتكتل الديمقراطي والحزب الديمقراطي التقدمي غير معنية أصلا باستقلال ولا بمستقبل الوطن...وبالتالي فهي أحزاب غير وطنية ...وينبغي تبعا لذلك "شطبها" من أي حساب...وهذا خطير جدا...على مستقبل التعددية والديمقراطية بل يعتبر "تحريشا" ودعوة ضمنية...إلى "القضاء نهائيا" على تلك الأحزاب "الخائنة" أو "المرتدة"...

وإما أن الإدارة الموقرة تجهل تمام الجهل...وجود مثل تلك الأحزاب ...وإذا صحّ هذا الاحتمال فينبغي تزويدها بقائمة جميع الأحزاب القانونية...

أما الاحتمال الأخير...وهو الأخطر...فيتمثل في أن الإدارة تريد حصر المعارضة في الأحزاب التي "تروق" لها...وهذا تلاعب واضح بالأدوار والصلوحيات...وابتزاز للقيم والمبادئ والمفاهيم واستبلاد للرأي العام...!!


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire