لا شك في أن نبأ تأسيس حزب نداء تونس حول شخصية السيد باجي قائد السبسي
يعتبر حدثاً سياسياً هاماً قد ولد عند البعض موجة من الاستبشار بمبادرة
إنقاذ للبلاد و عند البعض الأخر التهجم و النقد اللاذع لما اعتبر "عودة
مقنعة للتجمع ". و قد ارتفعت من بين قوى اليسار نداءات منها من يدعو إلى
الإنضمام إلى هذا المولود الجديد و منها من رد الفعل مرددا شعار "لا للنهضة
، لا للتجمع " داعياً إلى طريق ثالثة أكثر تماشياً مع تاريخ القوى
التقدمية و قيمها .
و نعتبر من جهتنا أن موقع اليسار ، خاصة منه المنتظم في احزاب ، من هذا المولود الجديد ، يجب أن يتفادى في نفس الوقت الحلول السهلة الداعية إلى الالتحاق و الإنضمام من جهة و حملات التهجم و المزايدات الاديولوجية من جهة أخرى . إذ ما يجب أن يحدد موقف اليسار من قضية التحالفات اليوم هو تشخيص لطبيعة المرحلة و مقتضياتها و تحديده لأهم رهانات الإنتخابات القادمة و تقييمه لقوى كل الأطراف السياسية الموجودة على الساحة ، بمنأى عن منطق الإنتهازية أو التعاطي العاطفي مع مثل هذه القضايا .
فلا يخفى على أحد أن الساحة السياسية تشكو اليوم من إختلال كبير في ميزان القوى لصالح حزب سياسي بدأ يظهر بوادر سيطرة جديدة على الدولة و على المجتمع حبلى بمخاطر على مكتسبات إجتماعية و مجتمعية و حتى على الطريقة العقلانية لإدارة دواليب الدولة و مؤسساتها . و الأيام الأخيرة ابرزت بوضوح المخاطر التي تهدد البلاد إذا ما كرست الإنتخابات القادمة الإختلال الحالي لموازين القوى و أهمها إعادة النظر في النمط التونسي للعيش و تراجع و إنحطاط أداء الدولة .
إن هذا الوضع يحتم على القوى الديمقراطية و الجمهورية أن تفعل كل ما في وسعها لإعادة التوازن المفقود على الساحة السياسية و إنقاذ البلاد من سيناريو إنتصار جديد للقوى الرجعية و حمايتها من العودة إلى ما قبل الإستقلال بمحو مكاسبه التقدمية و الحداثية . إن الاعتداد لمثل هذه المعركة قد يبدو ، عن حق ، متخلفاً شيئاً ما عن روح الثورة و اهدافها ، إلا أن في ميدان السياسة علينا أن نتعامل مع العالم كما هو لا كما يجب أن يكون و علينا أن نتوخى تمشياً يحدد الأهداف و المراحل التي توصلنا إليها . فبتحديد المرحلة الراهنة نهتدي إلى طبيعة تحالفاتنا . و الرهان اليوم في نظرنا هو حماية البلاد من إستبداد جديد بإسم الدين و إنقاذ مكاسبها .
و بناءً عليه يتحتم علينا أن نواجه الإنتخابات القادمة في إطار جبهة ديمقراطية واسعة تلم شمل اليسار و كذلك قوى أخرى كالحزب الجمهوري و كذلك نداء تونس القادر بفضل شعبية القائد السبسي أن يحقق عمقاً إجتماعياً يفتقده اليسار مع الأسف ! فعلاً إن اليسار غير قادر اليوم على خوض هذه المعركة لوحده أو على قيادة هذه الجبهة لأنه خرج ضعيفاً من الإنتخابات الأخيرة . و من هذا المنطلق يمكن إعتبار نداء تونس حليفاً هاماً في الجبهة الديمقراطية التي ننادي إليها . إلا أن الإنضمام إلى هذا الحزب كما يدعو له البعض قد يكون خطأً فادحاً لأن التحالف لا يعني التخلي عن التواصل التاريخي و التنظيمي لليسار لأنه هو القادر من دون غيره على حمل المطالب الإقتصادية و الإجتماعية للثورة ، بعد المساهمة إلى جانب القوى الأخرى ، في إنقاذ المشروع الديمقراطي و النموذج المجتمعي التونسي .
من هنا ، فإن على مختلف مكونات اليسار أن تعي جيداً أن المرحلة ليست اديولوجية بقدر ما هي إستراتيجية و أن الوقت ليس للطهرانية الثورية و لا للمزايدات الاديولوجية ، بل هو لبناء جبهة واسعة تحتضن أقصى عدد ممكن من القوى الديمقراطية و الجمهورية تمكننا من تفادي أخطاء الماضي القريب التي أدت إلى التشتت و الإنقسام .
إن النجاح في تكوين مثل هذه الجبهة قد يؤدي إلى إستقطاب ثنائي في الإنتخابات القادمة . و هذا أمر لا يجب أن نخشاه لأن من مزاياه تسهيل و توضيح رهان الإنتخابات القادمة : و ذلك بإبراز طرح بديل لمشروع الحزب الحاكم بدون تشنج أو تبني خطاب اقصائي في مواجهته . بل أن من مزايا الإستقطاب الثنائي قد يكون مساعدة النهضة على تجاوز تناقضها الرئيسي (حزب مدني أم حزب ديني)
في الإتجاه المناسب ، حتى تصبح على غرار احزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا ، حزباً محافظاً قابلاً للديمقراطية بقيمها من مساواة و حرية و تسامح .
إذا أراد اليسار أن ينقذ مستقبل البلاد و مستقبله هو في نفس الوقت ، عليه أن يكون اليوم جزءًا من جبهة ديمقراطية و جمهورية واسعة . إن الإصرار على العمل المنفرد و على تقمص دور الطهرانية الثورية و نعت كل من خالفه الرأي بالخيانة للثورة ، يعتبر مساهمة في مزيد من التشتت و الإنقسام و في مثل هذا الموقف مجازفة خطرة و تحمل مسؤولية ثقيلة إزاء شعبنا إذا ما ساهم في تكريس الإختلال الحالي في موازين القوى . فلنتحد اليوم مع غيرنا من القوى الديمقراطية و الجمهورية من أجل إنقاذ مكاسب البلاد حتى نتمكن غداً من تحقيق الأهداف الإقتصادية و الإجتماعية لثورتنا !
بكار غريب
و نعتبر من جهتنا أن موقع اليسار ، خاصة منه المنتظم في احزاب ، من هذا المولود الجديد ، يجب أن يتفادى في نفس الوقت الحلول السهلة الداعية إلى الالتحاق و الإنضمام من جهة و حملات التهجم و المزايدات الاديولوجية من جهة أخرى . إذ ما يجب أن يحدد موقف اليسار من قضية التحالفات اليوم هو تشخيص لطبيعة المرحلة و مقتضياتها و تحديده لأهم رهانات الإنتخابات القادمة و تقييمه لقوى كل الأطراف السياسية الموجودة على الساحة ، بمنأى عن منطق الإنتهازية أو التعاطي العاطفي مع مثل هذه القضايا .
فلا يخفى على أحد أن الساحة السياسية تشكو اليوم من إختلال كبير في ميزان القوى لصالح حزب سياسي بدأ يظهر بوادر سيطرة جديدة على الدولة و على المجتمع حبلى بمخاطر على مكتسبات إجتماعية و مجتمعية و حتى على الطريقة العقلانية لإدارة دواليب الدولة و مؤسساتها . و الأيام الأخيرة ابرزت بوضوح المخاطر التي تهدد البلاد إذا ما كرست الإنتخابات القادمة الإختلال الحالي لموازين القوى و أهمها إعادة النظر في النمط التونسي للعيش و تراجع و إنحطاط أداء الدولة .
إن هذا الوضع يحتم على القوى الديمقراطية و الجمهورية أن تفعل كل ما في وسعها لإعادة التوازن المفقود على الساحة السياسية و إنقاذ البلاد من سيناريو إنتصار جديد للقوى الرجعية و حمايتها من العودة إلى ما قبل الإستقلال بمحو مكاسبه التقدمية و الحداثية . إن الاعتداد لمثل هذه المعركة قد يبدو ، عن حق ، متخلفاً شيئاً ما عن روح الثورة و اهدافها ، إلا أن في ميدان السياسة علينا أن نتعامل مع العالم كما هو لا كما يجب أن يكون و علينا أن نتوخى تمشياً يحدد الأهداف و المراحل التي توصلنا إليها . فبتحديد المرحلة الراهنة نهتدي إلى طبيعة تحالفاتنا . و الرهان اليوم في نظرنا هو حماية البلاد من إستبداد جديد بإسم الدين و إنقاذ مكاسبها .
و بناءً عليه يتحتم علينا أن نواجه الإنتخابات القادمة في إطار جبهة ديمقراطية واسعة تلم شمل اليسار و كذلك قوى أخرى كالحزب الجمهوري و كذلك نداء تونس القادر بفضل شعبية القائد السبسي أن يحقق عمقاً إجتماعياً يفتقده اليسار مع الأسف ! فعلاً إن اليسار غير قادر اليوم على خوض هذه المعركة لوحده أو على قيادة هذه الجبهة لأنه خرج ضعيفاً من الإنتخابات الأخيرة . و من هذا المنطلق يمكن إعتبار نداء تونس حليفاً هاماً في الجبهة الديمقراطية التي ننادي إليها . إلا أن الإنضمام إلى هذا الحزب كما يدعو له البعض قد يكون خطأً فادحاً لأن التحالف لا يعني التخلي عن التواصل التاريخي و التنظيمي لليسار لأنه هو القادر من دون غيره على حمل المطالب الإقتصادية و الإجتماعية للثورة ، بعد المساهمة إلى جانب القوى الأخرى ، في إنقاذ المشروع الديمقراطي و النموذج المجتمعي التونسي .
من هنا ، فإن على مختلف مكونات اليسار أن تعي جيداً أن المرحلة ليست اديولوجية بقدر ما هي إستراتيجية و أن الوقت ليس للطهرانية الثورية و لا للمزايدات الاديولوجية ، بل هو لبناء جبهة واسعة تحتضن أقصى عدد ممكن من القوى الديمقراطية و الجمهورية تمكننا من تفادي أخطاء الماضي القريب التي أدت إلى التشتت و الإنقسام .
إن النجاح في تكوين مثل هذه الجبهة قد يؤدي إلى إستقطاب ثنائي في الإنتخابات القادمة . و هذا أمر لا يجب أن نخشاه لأن من مزاياه تسهيل و توضيح رهان الإنتخابات القادمة : و ذلك بإبراز طرح بديل لمشروع الحزب الحاكم بدون تشنج أو تبني خطاب اقصائي في مواجهته . بل أن من مزايا الإستقطاب الثنائي قد يكون مساعدة النهضة على تجاوز تناقضها الرئيسي (حزب مدني أم حزب ديني)
في الإتجاه المناسب ، حتى تصبح على غرار احزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا ، حزباً محافظاً قابلاً للديمقراطية بقيمها من مساواة و حرية و تسامح .
إذا أراد اليسار أن ينقذ مستقبل البلاد و مستقبله هو في نفس الوقت ، عليه أن يكون اليوم جزءًا من جبهة ديمقراطية و جمهورية واسعة . إن الإصرار على العمل المنفرد و على تقمص دور الطهرانية الثورية و نعت كل من خالفه الرأي بالخيانة للثورة ، يعتبر مساهمة في مزيد من التشتت و الإنقسام و في مثل هذا الموقف مجازفة خطرة و تحمل مسؤولية ثقيلة إزاء شعبنا إذا ما ساهم في تكريس الإختلال الحالي في موازين القوى . فلنتحد اليوم مع غيرنا من القوى الديمقراطية و الجمهورية من أجل إنقاذ مكاسب البلاد حتى نتمكن غداً من تحقيق الأهداف الإقتصادية و الإجتماعية لثورتنا !
بكار غريب