يوم 17 من الأسبوع قبل المنصرم من أفريل المنصرم، آخر أجل لتقديم ترشحات القائمات البلدية، دخلنا الى معتمدية قليبية، 22 مترشحا وضعوا أنفسهم على ذمّة مدينتهم، وقد اختاروا الاستقلاليّة منهجا ورفعوا شعار " بلديّة الجميع لخدمة الجميع "....
أثناء الجلسة، فتحت نوافذ قاعة الاجتماعات، وفوجئنا جميعا بمساحة واسعة من الحديقة الرحبة المحيطة بمكاتب المعتمديّة مزروعة فولا "فصّاصا "، الفصّاص كلمة نطلقها في جهة الوطن القبلي وفي جهات أخرى كثيرة من بلادنا على الفول الأخضر إذا كبرت " قرونه " وبلغت حبّاته وأصبح جاهزا للأكل مطبوخا أو مغلّى ، متمّما لطعام أو مكتفيا بذاته أكلة مستقلّة (المدمّس)...
من الغريب أن كل شيء امّحى من ذاكرتنا بمجرّد مغادرتنا للمعتمديّة: كلام المعتمد كان كلاما بروتوكوليّا ، مقالا اقتضاه المقام، لا أكثر ولا أقلّ، لذلك كان بلا معنى تقريبا...
ما قاله بعضنا أيضا امّحى، كان كلاما طقوسيّا ، مقالا اقتضاه المقام، لا أكثر ولا أقلّ، لذلك كان بلا كبير معنى تقريبا...
عدد السيارات والوجوه التي كانت مرابطة أمام المعتمدية تذهل وهي ترى الفريق كاملا يدخل الى مقر المعتمديّة ...هي التي راهنت الى آخر لحظة على استحالة تكوين قائمة !!… ترصد المترشحين وتكتشف اسماء لم تكن متوقعة وتستبق المآخذ والامكانيات لسقوط القائمة ...تنتظر ما سيفضي اليه التحاقنا بالمعتمدية من نتائج أوليّة، وتبرمج اجتماعا طارئا لتدارس الوضع المستجدّ والتباحث في الحلول الممكنة...
امّحت السيارات وعادت بلا "ماركات" ولا أرقام تقريبا، وامّحت الوجوه وعادت بلا ملامح تقريبا.
لم يبق عالقا في مخيّلاتنا جميعا الاّ الفصّاص...
دخلنا مجموعة مؤلفة من 22 مواطنا تتزاحم في دواخلنا أحلام لا محدودة عن قليبية الغد وعن عرس الديمقراطية: عروس تجلس في الصدارة تنتظر عريسها الذي بلتحق بها ، ويكتمل العرس، ولم نخرج إلاّ بالـ : " الفصّاص " في مخيلاتنا...
وها إنّ العروس تجلس وحدها تنتظر عريسا منعوه من الوصول اليها بدون توضيح أي سبب، ولمرّة أخرى وأخرى لا يكون للعرس معنى...لأنه عرس عروس بلا عريس..
ستكون الصناديق هنا في قليبية بلا معنى...أيّ قيمة لصندوق بقائمة واحدة؟ أليس الاختيار أساس الانتخاب الأول وعماد جوهره ؟
عام 2005 سقطت القائمة المستقلة هنا أيضا والى حدّ الآن تغمر نفوس أعضائها الحسرة لا لسقوطها ولكن لعدم تمكينهم من معرفة السبب ، لأن الإدارة اختارت ، كما في هذه المرة أيضا، ألاّ توافينا بالسبب، بعدها شعر الكثيرون في قليبية بالخيبة لأن أداء المجلس البلدي الذي فسح له مجال "العزف الانفرادي" كان ضعيفا الى أقصى الدرجات...وتنحية رئيس البلدية وبعده كاتبها العام مؤشر أكثر من دالّ..
أردنا بلديّتنا ومجلسها على ثقافة الصّوت الآخر والتنوّع والجرأة في المقاربة ومساءلة الملفّات الكبيرة، فقصرت وأراد لها آخرون التعاود والتشابه والتماثل والتمادي...فليكن...
أيّ خير فات قليبية؟؟؟
أيّ خير فوّته أبناء قليبية على مدينتهم؟؟؟
ذات يوم من الأسبوع قبل المنصرم، من الشهر المنصرم، من قليبية المنصرمة، من ديمقراطيتها المنصرمة، من عرس منصرم، امّحى كلّ شيء وبقي الفصّاص...
تحيّة خاصّة الى صديقي الذي أعرفه ويعرفني: الشاعرجمال الجلاصي
والى صديقي الذي أعرفه ولا يعرفني: الشاعر المنصف الوهايبي
منهما استوحيت هذه الملحة
فوزي القصيبي
يتيم المنصورة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire