lundi 1 février 2010

اقتصاد المعرفة أم اقتصاد "المْعارف"؟؟



إشكاليات كثيرة يطرحها الجزء الأول من عنوان هذا المقال من أهمها: ما هو موقع اقتصادنا الوطني من اقتصاد المعرفة ?ما هي النسبة التي يمثلها اقتصاد المعرفة من مجمل ناتجنا الداخلي الإجمالي؟؟ ما هو حجم القوى المنتجة المتوفرة لدينا التي هي مؤهلة فعلا للدخول إلى عالم اقتصاد المعرفة ؟؟ هل الخطوات التي خطوناها حتى الآن والتي نستعد لأن نخطوها باتجاه اقتصاد المعرفة هي خطوات في مستوى حجم التحديات والتطور الهائل الذي حصل في هذا المجال؟؟

كل هذه وغيرها من المسائل تتطلب إجابات دقيقة لكني سأحجم عن تناولها بالجدية التي تقتضيها، مخيرا الوقوف عند "نكتة" كثيرا ما تتردد على هامش الندوات في الأوساط المهتمة بالموضوع تونسيا وعربيا وأفريقيا و..."عالم ثالثيا"، وهي أن أغلب هذه الربوع التي تعيش تحت نظم سياسية متشابهة هي بلدان "سابقة لزمانها" - إن صح التعبير- بدليل أن الاقتصاد فيها هو بامتياز "اقتصاد معرفة"، لأنك ببساطة لا تستطيع أن تقْدم على أي مشروع له علاقة بالاقتصاد، بل لا تستطيع أن تفعل شيئا معتبرا في أي مجال إذا لم تكن "تعرف" أحدا من المقربين إلى موطن القرار !!!

وباختصار فإن ما توحي به هذه النكتة هو أن كل شيء عندنا يبدو مبنيا أساسا لا على المَعْرفة التي جمْعُها في الفصحى "مَعَارف" (بفتح الميم)" بل على "المعرفة" التي جمْعُها بالدارجة "مْعَارف" (بالميم الساكنة).

وبغض النظر على ما في مثل هذه النكت من إفراط في المبالغة ومن منحى كاريكاتوري طبيعي، فإنه علينا الاعتراف بأننا هنا إزاء "هزل باطنه جد" حيث يطرح في الواقع مسائل حيوية ليس أقلها مسألة العلاقة بين الدولة والمجتمع وما تفرضه من ضرورة تكافؤ الفرص وضمان المساواة بين الجميع أمام القانون، ومسألة العلاقة بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة وضرورة تغليب الأولى على الثانية، وتأثير كل ذلك سلبا أو إيجابا على نسق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى مدى عدالة توزيع ثمارتلك التنمية على مختلف الفئات...

إن طرح إشكالية الخاص والعام من منظور التداخل بينهما إلى حد قد يؤدي إلى شل مسيرة التنمية عبر العراقيل التي يضعها في طريق نمو الاستثمار أمر لا بد من إيلائه الأهمية التي يستحق، وقد شكل فعلا أحد المحاور الرئيسية في خطاب حركة التجديد والمبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم خلال الحملة الانتخابية الأخيرة.

وتجدر الملاحظة أن تناول موضوع على هذه الدرجة من التأكد ليس ولا ينبغي أن يكون حكرا على اليسار أو على أية اتجاهات "راديكالية".

إنه يمثل قضية في صلب التفكير الاقتصادي بما في ذلك التفكير الاقتصادي الليبرالي، ولذلك فلا غرابة في أن نجده يشكل لب آخر تقرير أصدره "البنك الدولي" في نوفمبر الماضي حول معوقات الاستثمار في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحت عنوان: " الانتقال من الامتيازات إلى المنافسة: نحو تعزيز النمو بتطوير القطاع الخاص"

(From Privilege to Competition: Unlocking Private-Led Growth in the Middle-East and North Africa)

لذلك سوف يكون هذا التقرير منطلق هذا الركن في العدد القادم. فإلى اللقاء.
أحمد إبراهيم

Aucun commentaire: